الدرس : أزمة الثلاثينات الاقتصادية
باكلوريا اداب
مقدمة :
اندلعت الازمة الاقتصادية في اكتوبر1929 في الولايات المتحدة الامريكية وسرعان ما انتشرت لتشمل العالم الراسمالي بينما لم تشمل الاتحاد السوفياتي. وافرزت الازمة نتائجا اقتصادية واجتماعية و سياسية متنوعة.
ماهي اسباب الازمة و ما هي نتائجها وما هي طرق معالجتها ؟
1)اسباب الازمة :
ارتبط اندلاع الازمة بالظرفية التي مرت بها الولايات المتحدة الامريكية
أزمة القطاع الفلاحي والصناعي | *الافراط في الانتاج الفلاحي : اقبل الفلاح الامريكي في عشرينات القرن العشرين على تعصير فلاحته بالاعتماد على القروض مقابل رهن ممتلكاته مما ساهم في ارتفاع الانتاجية وارتفاع الانتاج و تزامن ذلك مع استعادة اوروبا مستوى انتاجها و بروز منافسين جدد في السوق العالمية وهو ما تسبب في صعوبة الترويج مما ادى الى ارتفاع العرض مقارنة بالطلب فانخفظت الاسعار وتراجعت مداخيل الفلاحين *قصور الاستهلاك في المجال الصناعي: تميزت فترة العشرينات بنضج الثورة الصناعية الثانية باعتماد اساليب انتاج صناعي جديدة (التيلرة –الفوردية …)ساهمت في ارتفاع الانتاجية بنسبة 45/ كما ساهمت في ارتفاع الانتاج الصناعي الامريكي في المقابل كان نسق نمو الاجور بطيئ بنسبة 16/ مما ادى الى تقلص القدرة الاستهلاكية وتضخم الانتاج .و لتدارك قصور الاستهلاك تم الاعتماد على المنشطات الاصطناعية كالاشهار و القروض البنكية |
الازمة المالية والنقدية | *المضاربة في البورصة :ساهم نمو ارباح الشركات في فترة العشرينات في ارتفاع قيمة اسهمها مما ادى الى تهافت الامريكيين على شراء الاسهم للمضاربة بها في البورصة بالاعتماد على الاقتراض فارتفعت قيمة الاسهم بنسبة 89/ بينما بلغت نسبة نمو الانتاج الصناعي 13/ *تدعيم العملة : قرر البنك المركزي الامريكي في اوت 1929 الترفيع في نسبة اعادة الاسقاط بين 5/ و 6/ فارتفعت نسبة الفائض على القروض 9/ في حين ان نسبة الربح على السّهم تبلغ 2/ === قرر .المضاربون التخلص من الاسهم وبيعها |
=== تم عرض 13 مليون سهم للبيع في بورصة وول ستريت يوم 24اكتوبر 1929 ثمّ16 مليون سهم في 29 اكتوبر فانهارت قيمة الاسهم بنسبة 75/(شركة يواس ستيل) ونظرا لعجز المضاربين عن تسديد ديونهم وسحب الحرفاء لإيداعاتهم افلست 4000 بنك امريكي وسرعان ما تحولت الازمة المالية الى ازمة اقتصادية واجتماعية حيث تراجع الانتاج وافلست المؤسسات وارتفع عدد العاطلين الى اكثر من 12 مليون .ولم تقتصر الازمة على الولايات المتحدة بل شملت بقية العالم الراسمالي اللّيبرالي بسبب اعتماد السياسة الحمائية وسحب الاموال الامريكية من البنوك الاوروبية .
و للخروج من الازمة تم اعتمادحلولا متنوعة .
2) نتائج الأزمة
النتائج الاقتصادية: القومية الاقتصادية والحرب التجارية والنقدية | *الحرب التجارية :انتشرت القومية الاقتصادية كخيار للمواجهة الازمة الاقتصادية من خلال اعتماد السياسة الحمائية والحد من الواردات في الولايات المتحدة الامريكية وانقلترا و فرنسا و المانيا ..في ثلاثينات القرن العشرين مما ادى الى انهيار قيمة التجارة العالمية فخسرت ثلث قيمتها بين 1920و 1932 *الحرب النقدية : تفكك النظام النقدي العالمي بعد فشل ندوة لندن سنة 1933 و بعد اعتماد سياسة التضخم المالي فبرزت مناطق نقدية منفصلة و متنافسة كمنطقة الدولار ومنطقة الجنيه و منطقة الذهب |
النتائج الاجتماعية | *تضخم البطالة : بلغ عدد العاطلين في العالم 30مليون عاطل سنة 1932 وهي بطالة شاملة وارتفع العدد في بعض البلدان ( الولايات المتحدة الامريكية 15مليون – المانيا 6 ملايين …) وانتشرت مظاهر الفقر والبؤس من خلال تعدد الملاجئ الخاصة بالمتشردين في وقت كانت تتلف فيه المحاصيل الزراعية ===انتشار مسيرات الجوع والاحتجاجات *احتداد التناقضات الاجتماعية :بين الفقراء و الاغنياء و بين السود والبيض و بين المعمرين والاهالي(في المستعمرات) |
النتائج السياسية | * تنامي الاحزاب المعادية للليبرالية :استقطبت الاحزاب المتطرفة جموع الغاضبين من الحكومات اليبرالية العاجزة وتوفرت ارضية ملائمة لوصول النازيين الى السلطة في المانيا بعد ان تمكن حزب العمال الاشتراكي بقيادة ادولف هتلر من استقطاب مختلف الفئات الاجتماعية والفوز في الانتخابات 1932 كما تدعمت الفاشية في ايطاليا بينما فازت الاحزاب اليسارية في فرنسا في انتخابات 1936 بعد ان تكتلت للتصدي للرابطات الفاشية مثل “صلبان النار” *تعمق الفوارق بين الديمقراطيات والدكتاتورييات (الفاشية في ايطاليا و النازية في المانيا) طالبت الدكتاتوريات بحقها في المجال الحيوي فسلكت سياسة خارجية توسعية هددت السلم في العالم |
3) سياسات متباينة للخروج من الازمة
فشل الحلول الليبرالية التقليدية:سياسة الانكماش النقدي | اعتمدت الليبرالية التقليدية سياسة الانكماش النقدي في عدة دول (في عهد الرئيس الامريكي هوفر وفي عهد حكومة لافال في فرنسا …) و هي تقوم على التقليص من النفقات العمومية وتدعيم العملة للابقاء على رؤوس الاموال الى جانب الضغط على الاجور للتشجيع على الاستثمار. === ادت سياسة الانكماش النقدي الى تعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية فاحتد الغضب الاجتماعي ضد الحكومات الليبرالية العاجزة |
الليبرالية الجديدة : سياسة التضخم المالي و تدخل الدولة | اعتمدت اليبرالية الجديدة على جانب نظري واخر تطبيقي: *الحلول الكاينسية :نسبة الى المفكر الاقتصادي الانقليزي جون مينار كاينس الذي اعتبر ان الازمة هي بسبب قصور الاستهلاك لذلك اقترح تدعيم القدرة الشرائية والتخفيض من قيمة العملة( التضخم المالي ) لتحسين القدرة التنافسية للصادرات و دفع الاستهلاك * النيوديل : مثلت سياسة النيوديل التي اعتمدها الرئيس الامريكي روزفالت سنة1933المثال التطبيقي لنظرية كاينسوهي تقوم على سياسة التضخم المالي وتدخل الدولة في الاقتصاد من خلال : -فصل الدولار عن الذهب والتخفيض من قيمته بنسبة 41/ لدفع التصدير -تزويد البنوك بالسيولة الازمة – تجميد الاراضي الفلاحية للتحكم في الانتاج وتقديم منح للفلاحين لدعم الاسعار -الترفيع في الاجور والتخفيض في عدد ساعات العمل و تقديم منح للعاطلين ودعم النقابات -انجاز الدولة لمشاريع كبرى قصد امتصاص البطالة === حققت هذه الاجراءات انتعاشة اقتصادية نسبية حيث ارتفع الانتاج الصناعي بنسبة 67/ وتراجع عدد العطلين وارتفعت الاجور بنسبة 16/ .ولكن انهارت الاوضاع من جديد 1937 |
سياسة الانظمة الكليانية (الديكتاتورية):سياسة الاكتفاء الذاتي والتسلح | ظهرت انظمة كليانية في اوروبا (المانيا –ايطاليا )في فترة ما بين الحربين وهي تعاني من قلة مواردها وضعف رصيدها من الذهب والمستعمرات —–اعتمدت الانظمة الكليانية “سياسة الاكتفاء الذاتي ” بالاعتماد على الموارد الذاتية داخليا الى جانب اعتماد المقايضة خارجيا .كما لجأت الدولة الى التسلح للتشغيل وتحقيق المجال الحيوي مهدّدة بذلك الامن والسلم الدولي . |
خاتمة :
رغم خطورة ازمة الثلاثينات الا انها عبرت عن قدرة النظام الليبرالي على تجاوز الازمات فساهمت في ظهور الراسمالية الجديدة التي كان لها دور في اندلاع الحرب العالمية الثانية.