تجارب الحوار الثلاث: بين 1936و1955

اصلاح مقال ورد في دورة جوان 2017 باكلوريا اداب

شهدت الحركة الوطنية التونسية في مقاومتها للاستعمار الفرنسي عديد الاشكال النضالية تراوحت بين التصعيد
والمواجهة وتجربة الحوار و التفاوض وقد عرفت هذه الاخيرة ثلاث محطات أساسية امتدت من جوان 1936 مع
صعود حكومة الجبهة الشعبية للحكم بفرنسا وانتهت في جوان 1955مع حصول تونس على استقلالها
الداخلي.

• فما هي الظروف المساعدة لانطلاق كل تجربة للحوار؟ وما هي أهم مطالبها وحصيلتها؟
  ّ
  /) التجربة الاولى للحوار :1936-1937
  
  1-الظروف المساعدة لانطلاقها:
  -استمرار النشاط الوطني منذ مؤتمر قصرهلال مارس 1934وتكثف مظاهرالصمود وأصبح طرح المسألة التونسية أكثر حدةوتجذرا وهو ما واجهته فرنسا بقمع شديد مع المقيم العام الذي قام باعتقال الوطنيين:ثمانية من قياديي الحزب الجديد ونفيهم الى “برج البوف ” بالجنوب خاصة الحبيب بورقيبة ومحمود الماطر ي،ومنع نشاط الحزب وتعطيل صحيفتيه.
• 
  -لكن رغم ذلك تكثفت مظاهرالصمود مع إضرابات تلاميذ المعاهد الثانويةوطلبة الزيتونة ففشلت سياسة القمع فاختارت فرنسا أسلوب الحواربتعيين مقيم عام تحرري وهو ” قيون” وقدتدعم ذلك مع وصول حكومة الجبهة الشعبيةالى الحكم في جوان1936فانفرج الوضع السياسي بالافراج عن الدستوريين المنفيين” ببرج البوف” وحرية الصحافة والاجتماع مع قانون أوت 1936 فاستغل الحزب الحر الدستوري الجديد هذه الظروف لتدعيم مطالبه
  
• 2-المطالب:
  
  تقررت هذه المطالب في المجلس الملي للحزب الحر الدستوري الجديد في 16جوان 1936 فقدمها بورقيبة وبن
  سليمان للحكومة الفرنسية بباريس، طالبت بإصلاحات في إطار الحماية، سياسية (تشريك التونسيين في الحكم)
  واقتصادية (المشاركة في مراقبة الميزانية التونسية)واجتماعية (حذف الثلث الاستعماري…)
  
  تعهد الجانب الفرنسي بإجراء إصلاحات من خلال خطاب “فينو” مارس1936

3)حصيلة التجربة الاولى

– معارضة “المتفوقين” لإصلاحات “فينو” واعتبارها تهديد لمصالحهم

-عود سياسة القمع مع سقوط حكومة الجبهة

-خيبة أمل الحزب وتخليه عن الحوار نحو التصلب خاصة مع بروز الجناح الرادكالي داخله في مؤتمر نهج التريبنال(30اكتوبر -2نوفمبر 1937)مع بن سليمان ,بن يوسف … و مطالبته بتعديل برنامج الحزب  وأدراج مطلب الاستقلال علنيّا واجهت فرنسا ذلك بالقمع خاصة مع احداث افريل 1938 و تعطل الحوار الى حدود 1950 حيث انطلقت التجربة الثانية مع تغير الظرفية .فكيف كان ذلك

//) التجربة الثانية للحوار 1950-1951

1) الظروف المساعدة لانطلاقها

-تزايد الضغوط الدولية على فرنسا لتحقيق المطالب الوطنية كدعم الجامعة العربية منذ مارس 1945.و مساندة البلدان الاسيوية و العربية الى جانب التاييد الامريكي سياسيا و نقابتها “الجامعة الامريكية للشغل “

-تظافر نضالات القوى الوطنية من اجل مطلب الاستقلال (مؤتمر ليلة القدر 23اوت 1946)و ظهور الحركة المنصفية

-مرونة الحزب و تدرج مطالبه  اذ طالب بالحكم الذاتي  كمرحلة اولى نحو الاستقلال التام

-تصريح روبار شومان  في جوان 1950 حول السير بتونس نحو الحكم الذاتي وهو ما اوجد ترحابا وطنيا و عربيا و اسيويا لقبول مطالب التونسيين

2) المطالب :

المطالب السبعة التي اعلن عنها بوقيبة في افريل 1950 تقتصر على الحكم الذاتي و رفض ازدواجية السيادة

وهي مطالب معتدلة مقارنة بمطالب مؤتمر ليلة القدر  1946 التي اكدت على الاستقلال التام .

-تشكيل حكومة تفاوضية رئاسة محمد شنيق في اوت 1950 لتحقيق هذه المطالب (السير بتونس الى الحكم الذاتي

3) حصيلة تجربة الحوار الثانية

-صدور مذكرة 15 ديسمبر 1951 التي اكدت تشريك الفرنيسين في ادارة شؤون البلاد اي التمسك بالسيادة المزدوجة

-رفض الوطنيين لهذه المذكر و تصعيدهم النضال (اعلان الاضراب العام في 21-22-23 ديسمبر 1951 وتقديم شكوى للامم المتحدة  في 14 جانفي 1952 .وعثد الحزب الجديد المؤتمر الاستثنائي  في 18 جانفي 1952 و تشبثه بالغاء معاهدة الحماية ..)

-القمع الفرنسي مع المقيم العام  ديهوت كلوك (اعتقال الوطنيين وابعادهم كبوقيبة و المنجي سليم الى طبرقة

-الزج بالتونسييين في المحتشدات و ابعاد  وزارة شنيق لقبلي في مارس 1952 .اغتيال منظمة اليد الحمراء لفرحات حشاد في 5ديسمبر 1952 والهادي شاكر  في 13 سبتمبر 1953

=== فشل هذه التجربة كسابقتها لكن سرعان ما عاد الحوار من جديد منذ 1954 فماهي خصائص التجربة الثالثة للحوار

///) التجربة الثالثة للحوار 1954-1955

1) الظروف المساعدة لانطلاقها

-تواصل وتدعم النضال الوطني وتنوع أشكاله :المسلح (تصاعد اعمال المقاومة المسلحة ضد الاهداف الاستعمارية معركة جبل اشكل في ماي 1953) السياسي (نجاح الحزب في تدويل القضية التونسية واددراجها في جدول اعمال الامم المتحدة  وكسب الدعم من عديد الدول العربية و الاجنبية والاصوات اليسارية و الليبرالية  الفرنسية …)

-هزيمة فرنسا في الهند الصينية في ماي 1954 واندلاع المقاومة المسلحة بالمغرب الاقصى والجزائر

===ساهمت هذه الظروف في تدعيم المطالب الوطنية

2)المطالب

طلب تشكيل حكومة وطنية بقيادة الطاهر بن عمار في اوت 1954 و المطالبة بالغاء نظام الحماية و رفض الاصلاحات  الكلية والمطالبة بالاستقلال

-قبول حكومة “ادغارفور ” مواصلة المفاوضات

3) حصيلة تجربة الحوار الثالثة

أسفرت المفاوضات عن حصول تونس على الاستقلال الداخلي في 3جوان 1955 مع المحافظة على العلاقات الاقتصادية والثقافية المتميزة مع فرنسا

-ظهور انقسام سياسي بين تيار مؤيد للاتفاقيات و يعتبرها خطوة الى الامام نحو الاستقلال التام وهو التيار البورقيبي “الديوان السياسي” وتيار معارض يعتبر الاتفاقيات خطوة للوراء وهو التيار اليوسفي  “الامانة العامة “و دعا لمواصلة المقاومة

-المصادمات بين الطرفين واقدام حكومة بن عمار باعتقال أنصار “الامانة العامة ” منذر مؤتمر صفاقس نوفمبر 1955

الخاتمة : كانت تجارب الحوار والتفاوض متشابهة الى حد كبير في مطالبها و جفاعها عن حقوق التونسيين وسيادتهم ومساواتهم مع الفرنسيين غي ان التجربة الثالة كانت اكثر نجاعة بتمهيدها للاستقلال التام .فماهي خصائص مرحلة ما بعدد الاستقلال ؟